|
الصومال أصبحت أكبر بؤرة للقرصنة في العالم |
"المركبان لم يصلا للشواطئ اليمنية رغم تحريرهما منذ يومين".. "نحن لا نعلم إذا ما كان أحدهم أصيب بأذى أم لا".. "نما إلى علمنا أن بعضهم قد توفي أثناء فترة الاختطاف".. "حتى الآن لم تنطلق الزغاريد في القرية فرحة بتحريرهم".. "الجميع يترقب لحظة وصولهم".. "الجو لا زال مشحونا بالقلق، والحزن يخيم على الأهالي".. بهذه العبارات علق أهالي الصيادين المصريين الذين أسرهم قراصنة صوماليون قبل أربعة أشهر، عن قلقهم وترقبهم رغم الإعلان، الجمعة 14-8-2009، عن تمكن هؤلاء الصيادين من الفرار، بفضل تدخل مليشيات صومالية بمساعدة المخابرات المصرية، مؤكدين في تصريحات لـ"إسلام أون لاين" أنهم بدلا "من أن يعمهم الفرح، انتابهم حزن شديد لعدم معرفتهم مصير أبنائهم، وإذا ما كانوا على قيد الحياة أم لا".
عزت الجزائري، أحد أقارب الصيادين، من قرية "برج البرلس" بمحافظة كفر الشيخ المصرية المطلة على البحر المتوسط، قال لـ"إسلام أون لاين.نت".. "الجو في القرية لا زال مشحونا بالقلق والتوتر، والحزن يخيم على أهالي جميع الصيادين المختطفين"، مضيفا "حتى الآن لم تنطلق الزغاريد في القرية فرحة بتحرير المخطوفين.. الجميع يترقب لحظة وصولهم، حتى نتأكد من أنهم جميعا لا زالوا على قيد الحياة".
وبلهجة ملأها الحزن، أشار الجزائري إلى أنه "نما إلى علمنا أن بعض الصيادين قد توفي أثناء فترة الاختطاف". واحتجز القراصنة الصوماليون 33 صيادا مصريا رهائن منذ اختطافهم الزورقين "ممتاز 1"، و"أحمد سمارة" في 27 مارس الماضي، مطالبين بفدية قدرها 5 ملايين دولار، خفضت إلى 800 ألف دولار.
"معركة حياة أو موت"
لكن الصيادين خاضوا معركة "حياة أو موت" ضد القراصنة، تمكنوا خلالها من السيطرة على بعض الأسلحة، وقتلوا عدداً منهم وأسروا آخرين، واصطحبوهم معهم على متن السفينتين، في عملية وصفت بـ"الجريئة." ، بحسب ما ذكرته مصادر رسمية وإعلامية في القاهرة اليوم السبت.
وأفادت المصادر بأن الصيادين رفضوا عرضاً من وزير الخارجية، أحمد أبو الغيط، لإعادتهم إلى مصر جواً، على متن طائرة تابعة لشركة "مصر للطيران" من اليمن، وأصروا على العودة بالزورقين إلى ميناء "الأتكة" بالسويس.
ونقلت صحيفة "الأهرام" المصرية عن المصادر قولها إن سفينتي الصيد المحررتين من المتوقع أن تصلا إلى الميناء الواقع على الساحل الغربي للبحر الأحمر في غضون خمسة أيام، مشيرة إلى أن حالة الصياديين المصريين بخير، ولم يُصب أي منهم بسوء خلال المعركة مع القراصنة.
وفيما أشارت بعض التقارير إلى أن الصيادين المصريين توجهوا بالسفينتين إلى أحد المواني اليمنية في خليج عدن، نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مدير إدارة خفر السواحل اليمنية، العميد علي محمد راصع، قوله إن الصيادين المصريين قرروا التوجه مباشرة إلى قناة السويس.
"والدي ما زال بالصومال"
وبصوت بدا عليه الخوف، قال علي حسن خليل، من عزبة البرج بمحافظة دمياط المطلة على البحر المتوسط، نجل صاحب مركب الصيد المختطفة "ممتاز 1" أن والده لا زال في الصومال بمدينة "بيساو" يحاول العودة إلى مصر ، وذلك بعد أن سافر إلى تلك المدينة ومكث بها نحو الشهر للتخطيط والتنفيذ لعملية تحرير الرهائن، وبعد إتمام العملية لم يتمكن من مغادرة المدينة خوفا من رد فعل القراصنة.
وأضاف في تصريحات لـ"إسلام أون لاين" أن "الصحف ووكالات الأنباء تنشر أنباء عن وصول المختطفين إلى اليمن وأن السفارة المصرية بصنعاء استقبلت الرهائن، في حين أن المركبين لا تزالان في اتجاه الشواطئ اليمنية ولم تصلا حتى اللحظة إلى اليمن"، مؤكدا أنهم "لا يعلمون شيئا عن عدد الصيادين الموجودين بالمركب وما إذا كان أحد منهم أصيب بأذى أم لا".
وذكر خليل أن "عملية تحرير الرهائن تمت بالتنسيق بين السلطات الصومالية وجهاز المخابرات العامة المصرية، لأن وزارة الخارجية رفضت مساعدتنا في دفع أي أموال للقراصنة كي يتم الإفراج عن الرهائن".
وأردف قائلا: "والدي لجأ إلى فكرة الاستعانة بميليشيات صومالية مأجورة لتحرير الرهائن لأن القراصنة طلبوا في البداية فدية 5 ملايين دولار، خفضت إلى 800 ألف دولار، ولكننا لم نتمكن من جمع غير50 ألفا منها بعد أن باع والدي كل ما يملك فحملهم في كفنه وسافر إلى الصومال، أملا في أن ترق قلوب القراصنة ويفرجوا عن الصيادين".
الميلشيات والمخابرات
وأفاد خليل بأن والده قام بتأجير ميليشيات عسكرية تعاونت مع المخابرات المصرية والسلطات الصومالية لتحرير الرهائن.
وقال: "القراصنة لم ترق قلوبهم وصمموا على مبلغ الـ800 ألف دولار، فما كان من والدي إلا التفكير في تأجير ميليشيات عسكرية لتحرير الرهائن في عملية عسكرية تمت بالتعاون مع المخابرات المصرية والسلطات الصومالية، وقامت الميليشيات بشن هجوم مفاجئ على القراصنة وتبادل الطرفان إطلاق النار وتمكنت الميليشيات المأجورة من إطلاق سراح الصيادين واختطاف 4 من القراصنة".
وفي وقت سابق، قام مراسل "إسلام أون لاين.نت" بجولة في قرية البرلس ورصد أوضاع أهالي الضحايا الذين رووا تفاصيل مأساة شديدة القسوة، حيث كانت أسر الصيادين الفقراء تعيش على المعونات من الجيران والأقارب، وتكفل كل منزل في القرية بإطعام من يجاوره من أسر المختطفين.
كما زار المراسل منزل الصياد المختطف عادل عبيد، الذي وجده خاويا على عروشه، حيث توفيت زوجته كمدا عليه، بينما أطفاله الثلاثة الذين لم يتخط أكبرهم الخامسة من العمر بعد قد وزعوا على منازل الأقارب، وبكاؤهم لا ينقطع ليل نهار وهم يتساءلون عن والديهم ولا مجيب.
ولم يختلف الأمر كثيرا عند عائلة الصياد "صبحي عبد اللطيف" وابنه "السيد صبحي"، اللذين اختطفا سويا من على نفس المركب، ولم يعد للأسرة عائل يكفي 8 أطفال في المراحل العمرية المختلفة بينهم فتيات في سن الزواج ذل الحاجة، وابيضت عينا الزوجة حزنا على مصيبتها المزدوجة في زوجها وفلذة كبدها.
من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية المصري للشئون القنصلية والمصريين في الخارج، أحمد رزق للصحفيين أمس الجمعة إن "الصيادين الـ34 تمكنوا من الفرار من خاطفيهم واحتجزوا أربعة منهم". مؤكدا أنهم "جميعا سالمون وينتظر وصولهم إلى عدن في اليمن".
وأوضح رزق أن الصيادين هربوا من القراصنة "بعد اتصالات مصرية ناجحة مع القبائل الصومالية التي ساهمت في إنهاء حبسهم" دون أن يوضح طبيعة التدخل.
وعلى مدى الشهور الأخيرة الماضية أصبحت الصومال، التي تعيش بدون حكومة مركزية منذ 1991، أكبر بؤرة للقرصنة الدولية ، فقد هاجم القراصنة الصوماليون أكثر من 130 سفينة شحن العام الماضي بارتفاع بنسبة أكثر من 200% عن عام 2007 وفقا للمكتب البحري الدولي.