كلما تقدمنا خطوة على خارطة السلام, أعادونا خطوات لمربع الحقيقة الأول لأيدلوجية الاحتلال, لان الأصل فلسطين والاستثناء إسرائيل, وأي سلام حتى ولو بشكل جزئي, سيدفع صوب معادلة الحق والباطل للصراع الأصلي,وهذا بدوره يتنافى مع طبيعة وثوابت وأهداف الاحتلال,ففلسطين وطن كنعاني 3500 عام قبل الميلاد منذ بزوغ فجر التاريخ, وما يسمى بإسرائيل كيان احتلالي عمره الزمني الغاصب, لايرقى لعمر شجرة جميز فلسطينية أصيلة, وقد تم استحداث هذا المسمى الاستعماري وبأكذوبة توراتية, ليستبدل روح الاستعمار القديم, بمسمى العن منه واشد همجية ودموية واغتصاب,انه احتلال واستيطان حديث منذ 1948,أي منذ 59 عاما, وهذا مفاده أن ذلك الكيان الصهيوني, مازال رغم روح الهزيمة وانعدام الإرادة العربية, هو كيان سطحي لاجذور له, وان كانت تلك الفترة الاغتصابية الاحتلالية طويلة, فإنها في عمر الأجيال لاتعني إلا الهشاشة والزوال, لان جذور ذلك الكيان السرطاني المسخ, تمتد بفعل القوة والهمجية والمؤامرة الدولية سطحيا وأفقيا, فبطن الأم فلسطين ستلفظ كل محاولات الامتدادات الجذرية الممنهجة راسيا إلى أعماقها.
وعندما نتحدث بلغة الإرادة, والحق والأجيال, تلك اللغة التي يعتبرها البعض أحلام يقظة, وتخاريف وضرب من المستحيل, فإننا مقابل تلك البرجماتية الانهزامية, يحق لنا أن ننظر إلى ذلك الكيان الصهيوني وفق برجماتية تاريخية ودينية, كمجموعة مرتزقة, وان بدا للبعض مدى صلابتهم بفعل دعم الصهيونية العالمية, وبفعل تضخيم قوة وإرادة ذلك الكيان الأسطوري, وينسوا أو يتناسوا الشق الثاني لمعادلة الصراع, على أنها سبب رئيسي في ذلك التضخيم والتهويل, لكن الحقيقة انه كيان هش كما الرمال بدليل استمرار مقاومته بضراوة على مدار نصف قرن, ورغم شكل تماسكه فهومليء بالتناقضات, هذا لو آمنا بحقنا الديني والتاريخي في فلسطين, وعلمنا أن لا مصير لهؤلاء المرتزقة سوى مصير دولة عبرية مارقة, سواء لجيلنا هذا أو بعد عدة أجيال, فمصيره التشرذم والتقوقع والزوال, ولن يتأتى ذلك أو نرى إرهاصاته إذا لم نغيرما بأنفسنا, ومن ثم ننتظر من الله أن يغير حالنا.
خطر هجوم السلام الفلسطيني لقد بدأ العد التنازلي لاتجاهات العمل السياسي صوب مؤتمر الخريف, حيث يترافق مع ذلك الهبوط مارثون التصريحات الفلسطينية والإسرائيلية, والنتيجة المتوقعة والمتناقضة مع النتائج المفترضة, فنجد الجانب الفلسطيني مقدم على حمل الأعباء والهموم الوطنية,خاصة منها المصيرية وبشكل جريء وجاد, ولا نجد ذلك النهم والهمة الفلسطينية تتوافق مع الخطى والخطاب الإسرائيلي المتردد والضبابي والمتلعثم, حيث عدم وضوح الموقف السياسي لقيادة الكيان الإسرائيلي, وكأنهم يخشون من مصداقية وجدية الطرف الفلسطيني , الذي يحاول تجريدهم من موقع المناورة ودفعهم لسدة المسئولية للسلام كمطلب فلسطيني وعالمي, ذلك الطرف الفلسطيني الذي يحرص على ألا يكون ذلك المؤتمر مجرد مؤتمر تقليدي, لتمرير أهداف مشوهة ومشوشة ومشبوهة, غير تلك المعلن عنها كأهداف للمؤتمر الخريفي, تحت عنوان إحداث اختراق تاريخي من شانه دفع عملية السلام الجامدة بفعل التعنت وعدم الجدية الإسرائيلية إلى الأمام.
يتبع0000>>>